أن تدخل قائمة مليارديرات العالم ذلك إنجاز كبير، لكن أن تكون ضمن مجموعة أصغر تمتلك 100 مليار دولار أو أكثر فذلك بالطبع إنجاز أكبر.
الشريك المؤسس لشركة إنفيديا الأميركية (NVIDIA) ورئيسها التنفيذي جنسن هوانغ، البالغ من العمر 61 عامًا، تمكن من تحقيق الاثنين، إذ انضم مؤخرًا إلى نادي المليارديرات الذين يفوق صافي ثرواتهم 100 مليار دولار، والذي ضم 16 مليارديرًا فقط في 6 يونيو/حزيران الجاري.
وكان هوانغ قد ظهر لأول مرة في قائمة فوربس السنوية للأثرياء عام 2017، بصافي ثروة 2.7 مليار دولار بدعم من ارتفاع سهم إنفيديا، وبذلك قفزت ثروته بنسبة 3870% منذ 2017، ليصل إلى 107.2 مليار دولار، في 6 يونيو/حزيران 2024 قبل افتتاح السوق الأميركي، بالتوازي مع طفرة الذكاء الصناعي الأخيرة.
فيما يلي نظرة على المحطات الرئيسية في مسيرة هوانغ:
البداية في مطعم
انتقل هوانغ، الذي ولد في تايوان، إلى تايلاند خلال طفولته، ثم قررت عائلته إرساله مع شقيقه إلى الولايات المتحدة بسبب تصاعد الاضطرابات المدنية في البلاد، وبعد وصوله إلى أميركا، تم إرساله إلى مدرسة داخلية في ريف كنتاكي للشباب المضطربين عن طريق الخطأ، إذ اعتقدت عائلته أنها مدرسة إعدادية عادية، حيث وجد نفسه مكلفًا بمهمة تنظيف الحمامات يوميًا بعد انتهاء اليوم الدراسي.
لم تكن هذه هي التجربة الوحيدة التي أثرت بطريقة أو بأخرى في شخصية هوانغ، إذ عمل نادلًا في سلسلة المطاعم الأميركية Denny’s، وهي تجربة ينسب هوانغ إليها الفضل في مساعدته للتغلب على الخجل.
حصل هوانغ في النهاية على بكالوريوس في هندسة الكهرباء من جامعة ولاية أوريغون، وماجستير علوم الهندسة الكهربائية من جامعة ستانفورد، كما عمل في شركتي LSI Logi، و Advanced Micro Devices العاملتين في مجال أشباه الموصلات، قبل المشاركة في تأسيس إنفيديا التي كانت بمثابة تغيير كامل في مسيرته.
تأسيس إنفيديا
في 5 أبريل/نيسان 1993، شارك هوانغ في تأسيس شركة إنفيديا مع كريس مالاتشوسكي وكيرتس بريم، بهدف جلب الرسومات ثلاثية الأبعاد إلى أسواق الألعاب والوسائط المتعددة. وبعد ست سنوات، اخترعت إنفيديا وحدة معالجة الرسومات، التي مهدت الطريق لإحداث ثورة في صناعة الحوسبة.
عام 2006، خطت NVIDIA خطوة كبيرة من خلال تقديم بنية CUDA، التي وسعت قدرات المعالجة المتوازية لوحدات معالجة الرسومات لتشمل مجالات العلوم والبحث. وقد مهد هذا التطور الطريق لتطورات رائدة. وبعد ست سنوات، لعبت NVIDIA دورًا في دفع العصر الحديث للذكاء الصناعي من خلال تمكين شبكة AlexNet العصبية الثورية.
في عام 2018، حققت NVIDIA إنجازًا كبيرًا من خلال إحداث ثورة في رسومات الكمبيوتر من خلال تقديم NVIDIA RTX. تمثل هذه التقنية أول مثيل لوحدة معالجة الرسومات القادرة على تتبع الأشعة في الوقت الفعلي. وفي 2022، كشفت NVIDIA عن منصة Omniverse™ الخاصة بها، التي ساهمت في بناء الميتافيرس، الذي يمثل الجيل المتطوّر للإنترنت.
صفوف المليارديرات
انضم هوانغ إلى صفوف المليارديرات عام 2017 بثروة 2.7 مليار دولار، ولكن منالمثير للاهتمام أن هوانغ جنى 28.2% من صافي ثروته الحالية خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط، إذ بلغت ثروته الصافية 77 مليار دولار في قائمة فوربس للمليارديرات لعام 2024 الصادرة في أبريل/نيسان بناء على إغلاق 8 مارس/آذار.
وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، ارتفع سعر سهم إنفيديا بنحو 39.9% إلى 1224.4 دولار في 5 يونيو/حزيران الجاري مقابل 875.3 دولار في 8 مارس/آذار 2024. وبذلك ارتفعت القيمة السوقية للشركة إلى أكثر من 3 تريليونات دولار لتصبح ثاني أكبر شركة في العالم لأول مرة في تاريخها.
كما قفز سعر سهم عملاق أشباه الموصلات بنسبة 4467% منذ 17 فبراير/شباط 2017، وهو التاريخ الذي حسبت فيه فوربس قائمتها السنوية للمليارديرات في عام 2017، مع زيادة الطلب على الذكاء الصناعي. ويمتلك هوانغ حاليًا نحو 3% من شركة إنفيديا، التي تم طرحها للاكتتاب العام الأولي في عام 1999.
سيفيد الطلب المرتفع على الذكاء الصناعي العديد من القطاعات والأعمال بخلاف أشباه الموصلات، إذ يقول الرئيس التنفيذي لشركة Phononic، توني عطي، لفوربس الشرق الأوسط: “مع توسع تطبيقات الذكاء الصناعي لتصبح أكثر تعقيدًا وتطلبًا من ناحية الحوسبة، تتطلب أعباء العمل بمجال الذكاء الصناعي مزيدًا من الطاقة، ما يعني زيادة الطلب على تقنيات التبريد أيضًا”. وأضاف: “لدعم هذه المتطلبات، نشهد طلبًا متزايدًا على تبريد الشبكات الضوئية لمراكز البيانات، وفي الواقع سيكون ذلك مهمًا لتمكين النمو المتوقع لمراكز البيانات”.
تجزئة الأسهم
أعلنت إنفيديا في 22 مايو/أيار الماضي خلال تقريرها المالي عن أرباحها الفصلية، عن تجزئة الأسهم بنسبة 10 مقابل 1 على أن يتم ذلك بعد إغلاق السوق في 7 يونيو/حزيران، مع تداول الأسهم بسعرها الجديد بعد التجزئة بدءًا من الاثنين المقبل 10 يونيو/حزيران.
والجدير بالذكر أن إنفيديا قد نفذت أحدث تجزئة أسهم بنسبة 4 مقابل 1 من أسهمها العادية في 20 يوليو/تموز 2021، ما جعل ملكية الأسهم في متناول المستثمرين والموظفين بشكل أكبر.
ذكرت المحللة الأولى للأسواق في مجموعة Equiti فرح مراد في تصريحات لفوربس الشرق الأوسط أن الارتفاع الكبير لسهم إنفيديا كان مرحبًا به في السوق، لكن سعر السهم المرتفع يمكن أن يبعد المستثمرين الأفراد. وأضافت: “من خلال تجزئة السهم ، تهدف إنفيديا إلى خفض سعر السهم، ما يجعله في متناول قاعدة أوسع من المستثمرين ويتم تعزيز السيولة دون تغيير القيمة السوقية الإجمالية للشركة. لا تعمل هذه الخطوة على إضفاء الطابع الديمقراطي على فرص الاستثمار فحسب، بل تضمن أيضًا الحفاظ على الزخم التصاعدي القوي للشركة من خلال الحفاظ على الأسهم ضمن نطاق سعري جذاب”.
وعلى الرغم من التقلبات على المدى القصير، تشير تجزئة الأسهم إلى الثقة القوية بـ إنفيديا وآفاق النمو الكبيرة، ما يجعلها في وضع جيد لتحقيق النجاح المستمر ومشاركة المستثمرين على نطاق أوسع، بحسب مراد.
وخلال الربع الأول من السنة المالية 2025، دفعت الشركة 98 مليون دولار من الأرباح النقدية الفصلية و99 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وتعمل الشركة على زيادة أرباحها النقدية الربعية بنسبة 150% من 0.04 دولار للسهم الواحد إلى 0.10 دولار للسهم الواحد من الأسهم العادية. تعادل توزيعات الأرباح المتزايدة 0.01 دولار للسهم الواحد على أساس ما بعد التجزئة، ويتم دفعها يوم الجمعة 28 يونيو/حزيران 2024 لجميع المساهمين المسجلين في 11 يونيو/حزيران 2024.
هوانغ.. رؤية ثاقبة
تؤكد مراد أنّ “تجزئة السهم تتوافق مع رؤية هوانغ لتوسيع الملكية وتسهيل الوصول إلى أسهم إنفيديا، ما يعزز بيئة استثمارية أكثر شمولًا. بالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات التاريخية إلى أن الشركات التي تخضع لتقسيم الأسهم تميل إلى التفوق على السوق الأوسع خلال العام المقبل، ما يضيف نظرة إيجابية للمستثمرين الذين يفكرون في أسهم بعد التجزئة”.
وبلغ صافي دخل إنفيديا نحو 15 مليار دولار في الربع الأول من السنة المالية 2025، الذي انتهي في 28 أبريل/نيسان 2024، بزيادة 628% عن الربع ذاته من العام السابق. كما ارتفع صافي الدخل الفصلي بنسبة 2835% عن الربع المقابل من عام 2017 ، حين أصبح هوانغ مليارديرًا لأول مرة.
فوربس